رَيّان: السّرُّ المِهنِي!

 رَيّان: السّرُّ المِهنِي!
أحمد إفزارن
الأثنين 7 فبراير 2022 - 17:20

■ مَلِكُ المَغرِب تَكَلّمَ في الهاتِف، معَ والدِ وَوالِدةِ الطّفلِ "رَيّان".. وفي نِقاشِنا الاجتِمَاعِي: الهَاتِفُ المَلَكِي لهُ تَأثِيرٌ في الدّاخلِ والخارِج..
تأثِيرٌ مُؤثِّر، تَحتَاجُهُ بِلادُنا..
وهذه تَهدِئةٌ جاءَت في وَقتِها، وأعادَت السِّكّةَ الاجتِماعيّةَ إلى طَبِيعَتِها عِندَنَا وفي قارّاتٍ أُخرَى..
▪︎ والمُستَقبَلُ يُؤشّرُ لتَحَوُّلِ قريةِ "رَيّان" إلى مَزارٍ مَغربِي وعالَمِي..

  • هُنا تَكمُن سيّاحةُ المَشاعِرِ الإنسانيّة!
    ■ سيّداتي، سادَتِي!
    نَجَحْتُم في تدبيرِ "السّرّ المِهني"، بقَريةِ الطّفلِ "رَيّان".. القرية الجَبَليّة “إغْرَان”، بضَواحِي مَدِينةِ "شَفْشَاوَن"..
    نَجَحْتُم في شَقّ الجَبَل، مِن أَجلِ مُحاولةِ إنقاذِ الطّفلِ "رَيّان" الذي سَقطَ في بئرٍ عُمقُه 32 مترًا..
    حوالي 100 ساعَة من الحَفرِ في الجَبَل، كانت تُواكِبُها تعبِئاتٌ لنِسَاءِ المِنطَقَة، لتَغذيةِ رِجالِ الإنقَاذ..
    كانَ التّطوُّعُ حاضِرًا.. وعَمليةُ الحَفرِ لا تتَوقّف..
    والدّولةُ فاعِلةٌ فَعّالةٌ بِكُلّ تَنوُّعاتِها ومُستَوَياتِها..
  • المَغرِبُ في حالةِ تَعبِئة..
    ■ بِلادُنا مَرَّت مِن امتِحانٍ إنسانيّ..
    وامتِحانِ "السّرّ المِهني"..
    ولَولاَ هذا الحِرصُ الذي يُنظّمُه القانونُ الجِنائي ويُلزِمُ أيَّ مَسؤُولٍ بعَدمِ إفشاءِ ما لا يُفشَى، لكانَ "السّرُّ المِهني" مُستَباحًا..
    إنّ ما وقعَ في القريةِ الجَبَليّة “إغْرَان”، قريةِ الطّفلِ "رَيّان"، قد اهتزَّ له المَغرب، ومعهُ العالَم..
    وكان هذا رِهانًا كبيرًا أمامَ كلّ المغاربة، قِمّةً وقاعِدة..
    لقد أثارَ هزّةً في عُمقِ المَشاعرِ المغربيةِ والعالَميّة..
    القارّاتُ الخَمس لم تتَوقّف، على مَدَى 5 أيامٍ مُتَتالية، عن تَغطيّةِ هذا الحدَثِ في مَواقعِها الاجتماعية وتلفزاتِها وإذاعاتِها وجرائدِها..
    ولا حديثَ للعالَم، خلالَ هذه المُدّة، إلاّ عن الطفلِ المغربي الذي قيلَ فيه: "إنه قد وَحَّدَ العالم"..
    ▪︎وفي الأخير، تمَّ إخراجُه من تحتِ البِئر، ولكن جُثّةً هامِدة..
    لقد ماتَ "رَيّان"..
    ودَخَلَ التّاريخ..
    ■ ونُقطةٌ أُخرَى في نِقاشاتِنا الاجتِماعِيّة..
    إنّها "السّرُّ المِهنِي" الذي تَأكّدَ أنهُ واكَبَ العَملَ الجادّ لمَجمُوعةِ الإنقاذ التي كان معَها مُتطوّعون، وأفرادُ الوقاية المدنية، والأمنُ العُمومي، والدّرَك، والسّلطاتُ العُموميّة، وغَيرُها…
    "السّرُّ المِهنِي" كان سِرًّا حاضِرًا، وبِمَسؤولية، في مِنطقةِ الجَبَل..
    ▪︎وأسئلةُ الإعلامِ كانت مَضبُوطة، ولم تكُن تَبحثُ إلاّ عن معلوماتٍ جديدة، لمُواكَبةِ التّطوُّرات..
    والتلفزاتُ العالمية، كانت تُغطّي وقائعَ مَجمُوعةِ الإنقاذ، بمِهَنِيّةٍ عالية..
    وهذه العَناصرُ وغيرُها ساعدَت على التّتَبُّعِ الاجتِماعِي، بعَقلانيّةٍ وضَبطِ أعصَاب..
    ▪︎ واحتِملاتٌ أخرَى…
    وهذه تَعنِي أوساط مَسؤولِينَ عن التّتبُّعِ والمُراقَبة والتّدبير، على اختِلافِ مُستَوياتِهم..
    هَؤلاء حافظُوا على "السّرّ المِهنِي"..
    ما كُلُّ ما يُعرَفُ يُقال..
    وفي هذا السّياق، رُبّما كانَت جِهاتٌ مسؤولةٌ تُنظّمُ المَعلوماتِ والتّفسِيرات التي يُمكِنُ التّصريحُ بها، وِفقَ "جَدوَلٍ زَمنِيّ"، حسَبَ تتَابُع الأيامِ التي احتَلّها هذا الحَدَثُ الذي لم يكُن مَغربيّا فقط..
    وهذا يعني الحذَرَ في جَدوَلَةِ المَعلُومات والتّحاليل، مِن أجلِ حُسنِ تَوجِيهِ "الرأيِ العام"، للحَيلُولةِ دُونَ احتِمالِ الوُقُوعِ في أيّ تَضليلٍ قد تُجهَلُ عَواقِبُه..
    وفي مَواقِعَ للتّواصُل الاجتماعي، رُبّما ظهَرت خلال أيامِ الحَفرِ بالجَبَل، بَحثًا عن الطفلِ "ريّان"، حالاتُ نَشرٍ لمَعلُوماتٍ غيرِ دقيقة، مع سُوءِ تَفسِير، واستِغلالٍ لهذا الظّرفِ مِن أجلِ استِرزَاق.. وهذه حالاتٌ، إذا كانت بالفِعلِ قد وقَعت، هي شاذّةً مَحدُودةٌ نادِرة.. ولا يُعتَدُّ بها..
    ▪︎وماذا عن جَدوَلةِ الخارِطَة؟
    واضِحٌ أنّ النّجاحَ الذي حقّقَتهُ "الجِهاتُ المَسؤولة" هو جَدوَلةُ خارِطَةِ الواقِعة، إذا كانت الجَدوَلَةُ بالفِعلِ قد تَمّت.. الجَدوَلَةُ طبيعيّة، ما دامَ الهدفُ منها تفادِي أيَّ خطأ في توجِيهِ الرّأيِ العامّ..
    ▪︎وحتى المعلُومات التي تُقدّمُها مَواقعُ التواصُل الاجتماعي، رُبما كانت تتَضمّنُ طريقةً غيرَ مُتوَازِنةٍ في تقديمِها.. ومع ذلك، استَطاعت التّصريحاتُ المَسؤولةُ أن تُمسِكَ "بِالعَصَا السّحرية" منَ الوسَط، وفي ضَوءِ ما يَجِبُ أن يُعلَن، وما لا يَجِب..
    ▪︎والنتيجة: تَجاوزَت البلادُ مرحلةً اجتِماعيةً مُتَوتّرة، واستَطاعت الجهاتُ المسؤولةُ أن تَشغَلَ الرأيَ العامّ خِلالَ أيّامِ الواقِعة..
    وما لم يُقَل خلالَ تلكَ الفترة، أصبح مُمكِنًا بعدَها..
    وها هي الجهاتُ المسؤولةُ تَأمرُ بإغلاقِ الآبارِ والثّقوبِ الحديديةِ المفتُوحة..
    والإصلاحاتُ الأُخرَى سوف تأتي لاحِقًا، في أوراشٍ مُستَقبَليةٍ قادِمة..
    ■ "ليس كُلُّ ما يُعرَفُ يُقال"..
    هذا مثَلٌ شائع.. وينطبقُ على مفهُومِ "السّرّ المِهني"..
    فلَو تَسَرّبت معلُوماتٌ وأخبارٌ في غيرِ وَقتِها، هذا يُؤدّي إلى خرقٍ لقانونيةِ "السّرّ المِهني"..
    وهذا ليس سِرّا واحِدًا، إنها أسرارٌ مِن مُستوياتٍ وأنواع.. ويُؤطّرُها القانونُ الجنائي..
    وما مِن وظيفةٍ إلا ولها أسرارٌ يجبُ ألاّ تتَسرّب، ومعلوماتٌ لا يجوزُ أن تَخرُج إلى العلَن، قبلَ الوقتِ المُحدَّدِ لها، حتى لا تُنتَهَك حُرمَةُ "السّرّ المِهني"، وهي معلوماتٌ مَحمِيّةٌ بمُقتَضياتٍ قانونيةٍ زَجريّة..
    وهذا ما وقعَ في حالةِ "ريّان"، حيث كان الخبرُ بين سِندانِ الصحافة، ومِطرَقةِ المَصادرِ التي تملكُ "السّرَّ المِهني"..
    ▪︎وهذه الحساسيةُ في حالةِ "ريّان"، تَمَكّنَ  "السّرُّ المِهني"، بفضلِ مسؤوليةٍ ناضِجةِ واعِيّة، مِن حمايةِ وَقارِ وهَيبَةِ المَصادِرِ الرسميةِ والتّطَوعيّة، في عينِ المكان..
    ورغمَ اختِلاطِ "مَصادِرِ الخبَر"، ولُغاتِ العالَم، نَجحَ الرّهانُ المَغربي في التّغلّبِ على معلُوماتٍ زائفة..
    لقد فشَلت المعلوماتُ المَغلُوطة، وتألّقت الأخبارُ الصحيحةُ المَشحُونةُ بحُبّ الوَطَن..
    وكانت سُمعةُ الوَطن، أمامَ الإعلامِ العالَمِي والوَطني والمَحلّي، تَنبُضُ بحَرارةِ التّضامُنِ المغربي، ومِصداقيةِ الأخبارِ التي كانت تُعالَجُ بعِنايةٍ دقيقة..
    ▪︎تحيةً لِجِدّيةِ "السّرّ المِهنِيّ".. لقد كان في المُستوَى..
    وقامَ برِسالتِه المِهنيّة لمُدّة خمسة أيام، بالليل والنّهار، وتَمَكّن مِن استِقطابِ الإعجابِ العالَمِي، لِدَرَجةِ أنّ شَخصياتٍ بارزةً في العالم، تَحدّثت عن بلَدِنا بإعجابٍ وتقدير..
    وبفضلِ مِهنيّة الإعلام، بكُلّ توجُّهاتِه، ما زالت قريةُ  "ريّان" مَزارًا لمُواطنينَ مغاربة، وزُوّارٍ وزائراتٍ من مُختلِفِ أرجاءِ العالم..
    ▪︎وقامَ الطفلُ "ريّان"، وهو راحِلٌ إلى دارِ البقاء، بأكبرِ وأهمّ دَوْرٍ من أجلِ تكريسِ السُّمعةِ الإيجابيةِ لبِلادِنا..
    لقد نَجحَ بلَدُنا في "رهانِ الإنسانية"..
    وبالفِعل، حرّكَ المَغاربةُ جَبَلاً كامِلاً في مُحاولةٍ مُستَمِيتَة لإنقاذِ الطّفلِ المغربي "رَيّان"..
    وهذه أجملُ سُمعةٍ عالَمِيّةٍ لِبَلَدِنا المِضيَاف..
  • باركَ اللهُ فِيكُم!
    [email protected]

 الجزائر.. وأزمة هُوية سَحيقة

انحدر النظام الجزائري إلى حفرة عميقة من التاريخ للبحث عن هوية مفقودة، يبني بها شرعيته كنظام قتل 250 ألف جزائري في العشرية السوداء (2002-1991). وهو ذات النظام الذي يبحث، أيضا، ...

استطلاع رأي

كمغربي أو مقيم في المغرب، هل تشعر أن ارتفاع الأسعار ونسبة التضخم أثرت على:

Loading...